هن أربع شقيقات في منزل واحد ، قامت الكبيرة منهن بجعل وقت محدد لحفظ القرآن لمن يريد الاشتراك ، وكان الموعد بعد صلاة العشاء ، وقد استطاعت التأثير حتى على إخوانها الشباب والصغار بالترغيب والترهيب من أجل أن يشاركون ، خاصة ً بعد أن أوكلت لها الأم مهمة مصروف البيت .
أمَّا حال هؤلاء الأخوات في الليل فعجب العجاب ؛ فقبل أذان الفجر بساعتين تقريبا ً تكون حالة استنفار في البيت ، فتضاء جميع الأنوار وكل واحدة مشغولة بنفسها ، فهذه ساجدة ، والثانية راكعة ، وهذه تقرأ القرآن ، والأخرى تدعوا ربها .
يقول أخوهن : إذا كنت لا تريد الحياة فقم بعمل واحد فقط ؛ اذكر أحدا ً بالغيبة ولو وصفا ً ، فستجد كأسا ً في رأسك . وهن يقلن : قبل قليل أكلت فدع لحوم الناس ، وإذا جلست لا ترى إلا الشفاة تتحرك بالذكر ، وإذا تكلم أحد إخوانهن بدون فائدة ، قلن له : استغفر واذكر الله _ عز و جل _ خير ٌلك من الثرثرة .
أمَّا الصلاة فهن يصلين قبل ذهاب إخوانهن إلى المسجد ، وإذا عادوا من المسجد لا يزلن يصلين ، وإذا أخطأ أحد ٌ عليهن يبكين ويدعون له .
أمَّا غرفهن فهي مليئة بالقصاصات الإيمانية والتذكيرية ، وأما الأدراج فهي مليئة بالكتيبات والأشرطة والأذكار .
أمَّا الصدقات فقد قاموا بوضع مظروفين في المنزل لجمع التبرعات فيهن ، فظرف لاحتياجات المسجد القريب منهن ، والآخر للتبرعات الأخرى حسب الحاجة ، بل يقول لي أخوهن : إن الذهب لا يجلس معهن فترة طويلة ، ليس فقرا ً ، ولكن عند وقت التبرع ترى عجب العجاب ، حتى بمصروف المدرسة ، بل إنهن يستلفن ليتبرعن .
هكذا يا أخواتي هي حيات الصالحات اللاتي ذقن طعم السعادة في زماننا هذا ، وغيرهن كثير ، والمواقف في ذلك أكثر .