إن الكتاب العزيز والسنة المطهرة جاءا بالتعدد، وأجمع المسلمون على حله، قال الله تعالى:
{فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}[1] الآية.
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تسع من النساء، ونفع الله بهن الأمة وحملن إليها علوماً نافعة، وأخلاقاً كريمة، وآداباً صالحة، وكذلك النبيان الكريمان داود وسليمان عليهما السلام، فقد جمعا بين عدد كثير من النساء بإذن الله وتشريعه، وجمع كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وقد كان التعدد معروفاً في الأمم الماضية ذوات الحضارة وفي الجاهلية بين العرب قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحدد ذلك وقصر المسلمين على أربع، وأباح للرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك؛ لحكم وأسرار ومصالح اقتضت تخصيصه صلى الله عليه وسلم بالزيادة على أربع، وفي تعدد الزوجات – مع تحري العدل – مصالح كثيرة، وفوائد جمة، منها عفة الرجل وإعفافه عددا من النساء، ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها، وكثرة من يعبد الله منها، ومنها إعالة الكثير من النساء، والإنفاق عليهن، ومنها مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم الأمم يوم القيامة، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها، وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة، أما الجاهل أو الحاقد الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود، وينظر إلى الغرب والشرق بكلتا عينيه، معظما مستحسنا كل ما جاء منهما، فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها، ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساءً.
وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية، ومن رعايتها لمصالح المجتمع وعلاج مشكلاته، وقد تنبه بعض أعداء الإسلام لهذا الأمر، واعترفوا بحسن ما جاءت به الشريعة في هذه المسألة، رغم عدواتهم لها إقرارا بالحق واضطرارا للاعتراف به، فمن ذلك ما نقله صاحب المنار في الجزء الرابع من تفسيره صفحة (360) عن جريدة (لندن ثروت) بقلم بعض الكاتبات ما ترجمته ملخصا:
(لقد كثرت الشاردات من بناتنا، وعم البلاء وقل الباحثون عن أسباب ذلك، وإذ كنت امرأة، تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزنا، وماذا عسى يفيدهن بثي وحزني وتفجعي وإن شاركني فيه الناس جميعا، إذ لا فائدة إلا في العمل بما ينفع هذه الحالة الرجسة، ولله در العالم (توس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكافل للشفاء، وهو الإباحة للرجل التزوج بأكثر من واحدة، وبهذه الواسطة يزول البلاء لا محالة، وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوروبي على الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا شوارد، وقذف بهن إلى التماس أعمال الرجل، ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج بأكثر من واحدة، أيّ ظن وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين، أصحبوا كلا وعالة على المجتمع الإنساني، فلو كان تعدد الزوجات مباحا لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ما هم فيه من العذاب والهوان، ولسلم عرضهن وعرض أولادهن، فإن مزاحمة المرأة للرجل ستحل بنا الدمار، ألم تروا أن حال خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل، وعليه ما ليس عليها، وبإباحة تعدد الزوجات تصبح كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين).
ونقل صاحب المنار أيضا في صفحة (361) من الجزء المذكور عن كاتبة أخرى أنها قالت:
(لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم، خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف، والطهارة حيث الخادمة والرقيق يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما يعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء، نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراءها بجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها). انتهى.
وقال غيره، قال (غوستاف لوبون):
(إن نظام تعدد الزوجات نظام حسن يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تمارسه، ويزيد الأسر ارتباطا، وتمنح المرأة احتراما وسعادة لا تجدهما في أوروبا).
ويقول برناردشو الكاتب:
(إن أوروبا ستضطر إلى الرجوع إلى الإسلام قبل نهاية القرن العشرين شاءت أم أبت).
هذا بعض ما اطلعت عليه من كلام أعداء الإسلام في محاسن الإسلام وتعدد الزوجات، وفيه عظة لكل ذي لب، والله المستعان.